هل يمكن للديمقراطية أن تكون وسيلة لإنصاف الإسلام “كدين” ؟ – تركيا نموذجاً

يخشى الكثير من منظري الإسلام على النظام السياسي في الدول الإسلامية (ذات الغالبية المسلمة) من الديمقراطية وما يمكن أن تجلبه بمفاهيمها الغربية الأصل من قيم ومبادئ تتناقض مع الإسلام ومبادئه والنظام السياسي الإسلامي الذي يتصوره هؤلاء المنظرين مستمداً من الممارسة التاريخية العظيمة لدولة الإسلام وبخاصة عهد الخلفاء الراشدين، ومستنداً إلى مرجعية عظيمة من نصوص القرآن والسنة النبوية، معبرين عن مخاوفهم هذه بأن من ارتضى الدخول في لعبة الديمقراطية عليه أن يرضى بكافة قوانينها وقواعدها وعلى مختلف المستويات، ناهيك عما تقوم به الدول الغربية من استغلال لهذا المصطلح للهيمنة على الشعوب والأمم وفرض معاييرها الحضارية الخاصة واستغلال مقدرات هذه الشعوب بحجة نشر الديمقراطية من خلال استخدام مفهوم فضفاض غير محدد الملامح، يغري الشعوب ويجعلها تندفع تجاهه مدفوعة بكل توق لفضيلة وقيم تظن انها من الديمقراطية دون وعي سياسي حقيقي بكافة أبعادها، ونظراً أيضاً لما يمكن أن تحدثه الديمقراطية ومبادئها من تغييرات ونتائج على مستوى الفرد والمجتمع والأمة مغايرة للصبغة الإسلامية، مثل فوز غير المسلم بمنصب الولاية العامة والمناصب السيادية أو إقرار دستور وشرائع غير إسلامية للمسلمين أو ما قد تستورده من مفاهيم الحرية الشخصية المطلقة غير المقيد بأي قيم أو مبادئ ناسفة بذلك المنظومة الإسلامية للمجتمع ومغرِّبة كل ما فيها تحت وطأة قواعد لعبة الديمقراطية نفسها.

لا شك أن مثل هذه المخاوف مبررة، ولها أسبابها الموضوعية وأدلتها سواء من الإسلام أو حتى من الواقع،  شأنها في ذلك شأن ما للآراء المقابلة أيضاً والتي ترى الديمقراطية هي ذاتها الشورى الإسلامية أو أنها جزء أصيل من الإسلام بمبادئها وقيمها وأنها مجموعة قيم ومبادئ تتخطى فكرة  الانتخاب وحكم الأكثرية، وإنما هي ثقافة ومنظومة قيمية في الدرجة الأولى، ويجب على المسلمين أن يقبلوا عليها دون تردد، وان يتناولوها بقالبها المطبق الواضح للجميع. لكن مقتضى الحكمة يقول: يجب ألا تحمل الأمور على إطلاقها لا في السلب ولا الإيجاب، وإنما النسبية والتفاضل بين المفاسد والمصالح هو الميزان الذي يجب أن توزن فيه القضايا خاصة إن كانت بمثل هذه الأهمية، وإن كان هناك من تخوف من تأثير تبني الديمقراطية فإن هناك مخاوف مماثلة وربما أخطر من عدم تبني مبادئها وآلياتها على المجتمع المعاصر، وذلك لعدم توافر رؤية إسلامية منظومية عصرية واضحة لآليات اختيار أنظمة الحكم وعناصرها، وأسس عملية واقعية للتمثيل تمكنها من الخروج بقيادات حاكمة مناسبة مع ضمان التداول السلمي للسلطة (المحدد زمناً أو غير المحدد) دون الوقوع بين فكي الديكتاتورية والاستبداد، هذا بالإضافة إلى أن جميع تلك المخاوف يتم حصرها بالمجتمع ذي الغالبية المسلمة، ولكن الأمر الذي يطرح نفسه بقوة في ذات الآن، ما هو الحال بالنسبة للمسلمين في الدول التي يشكلون أقلية فيها؟، أو تلك المهمشين فيها تحت وطأة الأنظمة العلمانية الصارمة؟، التي أقصت الدين بكل مظاهره وأسسه من الحياة العامة للمجتمع وضيقت على أبنائه، أليس من المبرر لهذه الأنظمة أن تمارس الاقصاء والتضييق وإحكام سيطرتها وسلطتها بالأسلوب الاستبدادي الذي تراه طالما أن الديمقراطية هي عدو ونظام كفر في نظر المسلمين أنفسهم؟.

سيتناول هذا البحث بالدراسة موضوع الديمقراطية في إحدى الدول الإسلامية ذات النظام العلماني الصارم، حيث ستكون تركيا نموذجاً لهذه الدراسة، هذا النظام الذي أقصى الإسلام من الحياة العامة وحاربه على مدة عدة عقود من خلال تطبيق مختلف الممارسات القانونية والدستورية والاجتماعية التي ساهمت في تغريب الإسلام عن أهله وإعادة قولبته وفق ما تشتهيه علمانية حكامه، ثم سنقف على حقيقة الدور الذي قامت به الديمقراطية فيما بعد وإلى أي مدى ساهمت في إعادة العدالة للإسلام والمسلمين وإنصافهم في دينهم أمام المبادئ العلمانية الاقصائية لكل ما هو ديني، وهل حقاً يمكن للديمقراطية ان تلعب هذا الدور المنصف بالنسبة للشعوب وبخاصة المسلمين في مثل هذه الأنظمة؟، أو حتى في الدول ذات الأقلية المسلمة التي تعامل على ذات الشاكلة ؟،  وما هي الدروس المستفادة لكلا الطرفين الذين أشرنا إليهم في بداية حديثنا من معارضين ومؤيدين للديمقراطية ؟، وكيف يمكن لنا حقيقة كمسلمين أن نقف موقف إنصاف من الديمقراطية وسواها من النظريات الغربية التي يمكن الإفادة منها في حياة المسلمين وواقعم؟، وما هي هذه السبيل للاستفادة منها دون ان نجعلها تتغول على الإسلام فتغربه بين أهله تفريطاً، أو تجعل المتشددين يغربون هذا الدين وأهله عن عالمهم وواقعهم المعاش إفراطاً؟.

 لمابعة قراءة البحث وتحميله كاملاً PDF يرجى الضغط على الرابط التالي:

بحث – هل يمكن للديمقراطية أن تكون وسيلة لإنصاف الإسلام كدين

 

أيمن قاسم الرفاعي
الدوحة 07/05/2015

شارك:

مقالات ذات صلة:

أيمن قاسم الرفاعي

Ayman Q. Alrefai

باحـــث دكتــــــوراة فـــي الدراســـــات الإسلاميـــــة
كـاتب وباحــث متخصـص في مجـال الإدارة والسياســة العامة
مدون وكاتب في مجال الفكر والفن والأدب والقصة والشعر

آخر ما حرر
مقالات ذات صلة
Scroll to Top