أصيحاب الدروب الزرقاء

أصيحاب الدروب الزرقاء

أيمن قاسم الرفاعي

يقتلني بعض أصيحابي حين يفاجئني بالحديث الخاص عن إعجاب أو نقد له أو لغيره على مقال أو منشور علقته على جداري الخاص فوق أرصفة دروب التواصل الزرقاء، وأنا الذي ظللت أكابد وحدتي المضجرة مع بنات أفكاري تلك والتي خلت أني ولدتها مشوهة فعاف الناس منظرها فلاهم شكروا جمالها المفقود ولا هم ذموا قباحها المؤذي.

أي صويحبي، إنما عبدت دروب التواصل لكي يسير عليها الأصيحاب، فإما أن يكونوا ممن جمعتهم دروب الفكر والثقافة والمشارب فحملوا بعضهم في رحلاتهم عليها فكانوا كأخوة الدهر، وإما هم ممن فرقتهم شعاب الاختلاف والرأي والانتماء فسلك كل منهم مسلكه الذي يرتضيه فكانوا كصويحب طريق ومضى، أما أن يسير الصحب على ذات الدرب وفي ذات الركب ويكتفي المرء منهم بالصمت والتأمل وحديث النفس في خلجاتها، فتعساً لها من رحلة وتباً لها من دروب وصحبة..

أي صويحبي، وانت تراني أزرع شتول الأزهار على رصيفي إذ مررت به فالأمل أن ترويها أنت ببسمة منك أو لمسة شكر على الجمال لك، لأنك بذلك تجعل أريجها يضوع في الأرجاء فيشتم عطرها كل من عبر بعدك فيكون لك أجر ناشرها وزارعها، وإن حدث ورأيتني ألقي أشواكاً على الدروب فكن إيجابياً وأميطها عن درب المارين خلفك بنصيحة منك أو أقذف بها في وجهي إن آذتك، فيكون لك أجرها وأجر من سلم منها ..

أي صويحبي، كنا في السابق نشكو ضعف الوسيلة وقلة الحيلة في البحث عن الأحبة والاتصال بهم، أما اليوم فقد بتنا نشكو الأحبة والأصحاب إلى الوسائل التي أصبحت حجة علينا لا لنا .. فلنجعل من هذه الدروب الزرقاء المصمتة لساناً ناطقاً بالخير ووحلة مزركشة بشتى انواع الأزهار والرياحين التي إن تعاضدنا وحملنا بعضنا البعض في رحلتنا عليها استانسنا وانسنا واكتسبنا وأضفنا قيمة جديدة ولم نهدر اوقاتنا سدى ..

أي صويحبي، ما كانت صيغة التصغير للتحقير، وإنما للتودد وتعبير عن قصر المسافة بيننا .. فلنجعل من هذه النعم التي من الله بها علينا في تسهيل التواصل وسرعته باب خير ندخله سوية فنتقارب ونتصاحب ونتعاون على الخير والمنفعة ونتبادل العلم والثقافة والأدب… وقديماً قالوا المجالس مدارس، فلنجعل من هذه الدروب الزرقاء مجالس ود وأنس ومدرسة للثقافة والعلوم.

الدوحة 11/09/2014