قصة – الشيخ والسكيّر

الشيخ والسكيّر

ايمن قاسم الرفاعي

444

 

التقى شيخ حكيم عائد من صلاة الفجر في طريقه بسكير ثمل، ورغم أنه يعلم عدم وعيه إلا أنه نصحه بكلمات، رجى الله لها أن تدخل عقله الباطن فيكون لها من التأثير في حياته ما لم يكن لعقله وهو في وعيه، فقال له:

أي بني، إن الإنسان بلا عقل هامَّةٌ من الهوام، يسير بغير هاد ولا يمضي إلا ينقاد، إلا أن الله آخذ بناصية الدواب، وهو لا آخذ بناصيته إلا هو ..

أي بني، إن العقل بلا علم كبئر ظنون، يقصدها الظمآن طلباً للري وإذ بها أشد منه ظمأً، فيتركها وهو يلعنها ويلعن تغريرها به، لكن تلك البئر يأخذها العجب بنفسها كلما قصدها تائه ظمآن قاده السراب إليها، ظناً منها أنهم فتنوا بجمالها وتفردها فأتوها ثم ذهبوا عنها وهم يسبحون بحمد سناها ..

أي بني، إن العلم بلا فهم كالفرس الجموح تتيه في البراري تفتن الناس بجمالها وشرودها، دون ان تعود على حياتهم بنفع يرجى، فهي لا حرث أتت ينظر حصاده، ولا قاصداً أقلت يبلغ مراده، ولا حرب شنت يؤمل نصر على نواصيها انعقاده ..

ثم مضى الشيخ تاركاً السكير أكثر ثمالة بتلك الكلمات التي راحت ترن في رأسه المنتشية، والتي أخذ يرددها ويدندن بها وهو يهذي كأنها من وحي أشعاره وبنات أفكاره، وكلما شاهده أهل الجهل ذكروا الله وأثنوا على حكمة هذا العالم الزاهد الدرويش الولي لله، وكلما شاهده أهل الفهم ذكروا الله وأثنوا على حكمة الله وعجائبه حين يجعل الأسفار في حمل من يجهلها ويجري الحكم على لسان من لا يعيها ..

الدوحة – 28/07/2014م

شارك:

مقالات ذات صلة:

أيمن قاسم الرفاعي

Ayman Q. Alrefai

باحـــث دكتــــــوراة فـــي الدراســـــات الإسلاميـــــة
كـاتب وباحــث متخصـص في مجـال الإدارة والسياســة العامة
مدون وكاتب في مجال الفكر والفن والأدب والقصة والشعر

آخر ما حرر
مقالات ذات صلة
Scroll to Top